زاد المعاد في هدي خير العباد ج3

زاد المعاد في هدي خير العباد ج3

3712 0

زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 881

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

لأختها كانت أعارتها إياه، فرجعت تلتمسه في الموضع الذي فقدته فيه، فجاء النفر الذين كانوا يُرحِّلون هودجها فظنوها فيه فحملوا الهودج ولا ينكرون خفته، لأنها -رضي الله عنها- كانت فتيَّة السنِّ لم يغشَها اللحمُ الذي يُثقلها، وأيضًا فإن النفر لما تساعَدوا على حمل الهودج لم يُنكروا خِفَّته، ولو كان الذي حمله واحدًا أو اثنين لم يخفَ عليهما الحال.
فرجعت عائشة إلى منازلهم وقد أصابت العِقدَ فإذا ليس بها داعٍ ولا مجيب، فقعدت في المنزل وظنَّت أنهم سيفقدونها فيرجعون في طلبها ــ والله غالب على أمره يدبّر الأمرَ فوقَ عرشه كما يشاء ــ، فغلبتْها عيناها فنامت فلم تستيقظ إلا بقول صَفوان بن المعطَّل: إنا لله وإنا إليه راجعون، زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! وكان صفوان قد عرَّس في أخريات الجيش، لأنه كان كثير النوم كما جاء عنه في «صحيح أبي حاتم» وفي «السنن» (1). فلما رآها عرفها ــ وكان يراها قبلَ نزول الحجاب ــ فاسترجع وأناخ راحلته فقرَّبها إليها فركبت (2)، وما كلَّمها كلمةً واحدةً ولم تسمع منه إلا استرجاعه.
ثم سار بها يقودها حتى قدم بها وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة، فلما رأى ذلك الناسُ تكلَّم كلٌّ منهم بشاكلته وما يليق به، ووجد الخبيثُ عدوُّ الله ابنُ أبيٍّ متنفَّسًا فتنفس من كرب النفاق والحسد الذي بين ضلوعه، فجعل يستحكي الإفكَ ويستوشيه، ويُشِيعه ويذيعه، ويجمعه ويفرقه، وكان أصحابه

الصفحة

302/ 881

مرحبًا بك !
مرحبا بك !