
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وسلك حرة بني حارثة وقال: «من رجل يخرج بنا على القوم من كثب؟»، فخرج به بعضُ الأنصار حتى سلك في حائطٍ لبعض المنافقين وكان أعمى، فقام يحثو التراب في وجوه المسلمين ويقول: لا أُحِلُّ لك أن تدخل في حائطي إن كنتَ رسول الله! فابتدره القوم ليقتلوه فقال: «لا تقتلوه، فهذا أعمى القلب أعمى البصر» (1).
ونفذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل الشِّعب من أُحُدٍ في عُدوة الوادي وجعل ظهره إلى أحد، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرَهم.
فلما أصبح يومَ السبت تعبَّى للقتال، وهو في سبعمائة فيهم خمسون فارسًا، واستعمل على الرُّماة ــ وكانوا خمسين ــ عبدَ الله بن جبير وأمره وأصحابه أن يَلزموا مركزهم، وأن لا يُفارقوه ولو رَأَوا الطيرَ تتخطَّف العسكر (2)، وكانوا خلف الجيش، وأمرهم أن ينضحوا المشركين بالنَّبْل لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم.
وظاهر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بين درعين (3).