زاد المعاد في هدي خير العباد ج3

زاد المعاد في هدي خير العباد ج3

17101 5

زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 881

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

أهلُه منه، والشركِ الذي أنتم عليه، والفتنةِ التي حصلت منكم به= أكبرُ عند الله من قتالهم في الشهر الحرام. وأكثر السلف فسروا الفتنة هاهنا بالشرك (1)، كقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193]. ويدلُّ عليه قوله: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23]، أي: لم يكن مآلُ شركهم وعاقبتُه وآخرُ أمرهم إلا أن تبرؤوا منه وأنكروه. وحقيقتها: أنها الشرك الذي يدعو صاحبُه إليه ويقاتِلُ عليه ويعاقبُ من لم يفتتن به، ولهذا يقال لهم وقت عذابهم بالنار وفتنتهم بها: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14]، قال ابن عباس: تكذيبكم (2)؛ وحقيقته: ذوقوا نهاية فتنتكم وغايتَها ومصيرَ أمرِها، كقوله: {ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} [الزمر: 24]، وكما فَتَنوا عباده على الشرك فُتِنوا على النار وقيل لهم: ذوقوا فتنتكم.
ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} [البروج: 10]، فُسِّرت الفتنةُ هاهنا بتعذيبهم المؤمنين وإحراقِهم إياهم بالنار، واللفظ أعمُّ مِن ذلك، وحقيقته: عَذَّبوا المؤمنين ليفتتنوا عن دينهم؛ فهذه الفتنة المضافة إلى المشركين.
وأما الفتنة التي يضيفها سبحانه إلى نفسه، أو يضيفُها رسوله إليه، كقوله: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} [الأنعام: 53]، وقولِ موسى: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف: 155] = فتلك بمعنًى آخر،

الصفحة

198/ 881

مرحباً بك !
مرحبا بك !