
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بني المغيرة؛ فتشاور المسلمون وقالوا: نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فإن قاتلناهم انتهكنا الشهرَ الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحَرَم ثم أجمعوا على ملاقاتهم فرمى أحدُهم عمرَو بن الحضرمي فقتله، وأسروا عثمان والحكم، وأفلت نوفلٌ.
ثم قدموا بالعِير والأسيرَين قد عزلوا من ذلك الخُمس، وهو أولُ خُمسٍ كان في الإسلام (1)، وأول قتيل في الإسلام، وأول أسيرين في الإسلام، وأنكر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم ما فعلوه، واشتدَّ تعنُّت (2) قريش وإنكارُهم ذلك، وزعموا أنهم وجدوا مقالًا فقالوا: قد أحلَّ محمدٌ الشهرَ الحرام، واشتد على المسلمين ذلك، حتى أنزل الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217] (3).
يقول سبحانه: هذا الذي أنكرتموه عليهم وإن كان كبيرًا؛ فما ارتكبتموه أنتم من الكفر بالله، والصدِّ عن سبيله وعن بيته، وإخراجِ المسلمين الذين هم