
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
رسول الله، قد فعلتَ في بني قينقاع ما قد علمتَ وهم حلفاء إخواننا الخزرج، وهؤلاء موالينا فأحسِنْ فيهم، فقال: «ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟» قالوا: بلى، قال: «فذلك إلى سعد بن معاذ»، قالوا: قد رضينا، فأرسل إلى سعد بن معاذ وكان في المدينة لم يخرج معهم لجرح كان به، فأُركب حمارًا وجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعلوا يقولون له وهم كنفتَيه (1): يا سعدُ، أجمِل في مواليك وأحسِنْ فيهم، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حكَّمك فيهم لتُحسن فيهم، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئًا، فلما أكثروا عليه قال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم، فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة فنعى إليهم القومَ، فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للصحابة: «قوموا إلى سيدكم»، فلما أنزلوه قال (2): «يا سعد، إن هؤلاء القوم قد نزلوا على حكمك»، فقال: وحكمي نافذ عليهم؟ قالوا (3): نعم، قال: وعلى المسلمين؟ قالوا: نعم، قال: وعلى من هاهنا ــ وأعرض بوجهه وأشار إلى ناحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إجلالًا له وتعظيمًا ــ؟ فقال: «نعم، وعليَّ».
فقال: فإني أحكم فيهم أن يُقتل الرجال وتُسبى الذريَّة وتُقسم الأموال، فقال رسول الله