
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقالت طائفةٌ: كان الأمر بالاستئذان ذلك (1) الوقتَ للحاجة، ثمَّ زالت، والحكم إذا ثبت بعلَّةٍ زال (2) بزوالها، فروى أبو داود في «سننه» (3) أنَّ نفرًا من أهل العراق قالوا لابن عبَّاسٍ: يا أبا عبَّاسٍ (4)! كيف ترى هذه الآية الَّتي أمرنا فيها بما أمرنا، ولا يعمل بها أحدٌ، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية [النُّور: 58]. فقال ابن عبَّاسٍ: إنَّ الله حكيمٌ رحيمٌ بالمؤمنين، يحبُّ السِّتر، وكان النَّاس ليس لبيوتهم ستورٌ ولا حِجالٌ، فربَّما دخل الخادم أو الولد (5) أو يتيمة الرَّجل، والرَّجل على أهله، فأمرهم الله بالاستئذان في تلك العورات، فجاءهم الله بالسُّتور والخير، فلم أرَ أحدًا يعمل بذلك بعدُ.
وقد أنكر بعضهم ثبوت هذا عن ابن عبَّاسٍ، وطعن في عكرمة، ولم يصنع شيئًا. وطعن في عمرو بن أبي (6) عمرٍو (7)، وقد احتجَّ به صاحبا الصَّحيح، فإنكار هذا تعنُّتٌ واستبعادٌ لا وجهَ له.
وقالت طائفةٌ: الآية محكمةٌ عامَّةٌ لا معارضَ لها ولا دافعَ، والعمل بها