
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وكنى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صُهيبًا بأبي يحيى (1)، وكنى عليًّا بأبي تراب إلى كنيته بأبي الحسن، وكانت أحبَّ كنيته إليه (2)، وكنى أخا أنس بن مالكٍ وكان صغيرًا دون البلوغ بأبي عُمَير (3).
وكان هديه - صلى الله عليه وسلم - تكنية من له ولدٌ ومن لا ولدَ له، ولم يثبت عنه أنَّه نهى عن كنيةٍ إلا الكنية بأبي القاسم، فصحَّ عنه أنَّه قال: «تَسمَّوا باسْمي، ولا تَكَنَّوا بكُنيتي» (4)، فاختلف النَّاس في ذلك على أربعة أقوالٍ: أحدها: أنَّه لا يجوز التكنِّي بكنيته مطلقًا، سواءٌ أفردها عن اسمه أو قرنَها به، وسواءٌ محياه وبعد وفاته، وعمدتهم عموم هذا (5) الحديث الصَّحيح وإطلاقه. حكى البيهقي (6) ذلك عن الشَّافعيِّ. قالوا: ولأنَّ النَّهي إنَّما كان لأنَّ معنى (7) هذه الكنية والتَّسمية مختصَّةٌ به - صلى الله عليه وسلم -، وقد أشار إلى ذلك بقوله: «واللَّهِ لا أُعطِي أحدًا ولا أَمنعُ أحدًا، وإنَّما أنا قاسمٌ أضَعُ حيثُ أُمِرْتُ» (8). قالوا: ومعلومٌ أنَّ هذه الصفة ليست على الكمال لغيره.