زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
كَدَاءٍ (1)، ثمَّ نزل به لمَّا فرغ من الطَّواف، ثمَّ لمَّا فرغ من جميع النُّسك نزل به، ثمَّ خرج من أسفل مكَّة وأخذ من يمينها حتَّى أتى المحصَّب. ويحمل أمره بالرَّحيل ثانيًا على أنَّه لقي في رجوعه ذلك إلى المحصَّب قومًا لم يرحلوا، فأمرهم بالرَّحيل، وتوجَّه من فَورِه ذلك إلى المدينة.
ولقد شانَ (2) نفسَه وكتابَه بهذا الهذَيان البارد السَّمِج الذي يُضحَك منه، ولولا التَّنبيه على أغلاط من غلِطَ عليه - صلى الله عليه وسلم - لرغبنا عن ذكر مثل هذا الكلام. والَّذي كأنَّك تراه من فعله أنَّه نزل بالمحصَّب، وصلَّى به الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء، ورقدَ رقدةً، ثمَّ نهض إلى مكَّة، وطاف بها طواف الوداع ليلًا، ثمَّ خرج من أسفلها إلى المدينة، ولم يرجع إلى المحصَّب، ولا دار دائرةً، ففي «صحيح البخاريِّ» (3) عن أنسٍ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء، ورقدَ رقدةً بالمحصَّب، ثمَّ ركب إلى البيت وطاف به.
وفي «الصَّحيحين» (4) عن عائشة: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وذكرت الحديث، قالت: حين (5) قضى الله الحجَّ ونفرنا من منًى، فنزلنا بالمحصَّب، فدعا عبد الرَّحمن بن أبي بكرٍ فقال: «اخرجْ بأختك من الحرم، ثمَّ افْرُغا من