زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قلت: وإنَّما (1) نشأ الغلط من تسمية الطواف، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أخَّر طواف الوداع إلى اللَّيل، كما ثبت في «الصَّحيحين» (2) من حديث عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكرت الحديث، إلى أن قالت: فنزلنا المحصَّبَ، فدعا عبد الرَّحمن بن أبي بكرٍ، فقال: «اخرجْ بأختك من الحرم، ثمَّ افرغا من طوافكما، ثمَّ تأتياني (3) هاهنا بالمحصَّب». قالت: فقضى الله العمرة، وفرغنا من طوافنا في جوف اللَّيل، فأتيناه بالمحصَّب، فقال: فرغتما؟ قلنا: نعم. فأذَّن في النَّاس بالرَّحيل، فمرَّ بالبيت فطاف به، ثمَّ ارتحل متوجِّهًا إلى المدينة. فهذا هو الطَّواف الذي أخَّره إلى اللَّيل بلا ريبٍ، فغلِطَ فيه أبو الزبير أو من حدَّثه به (4)، وقال: طواف الزِّيارة، والله الموفِّق.
ولم يرمُلْ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الطَّواف ولا في طواف الوداع (5)، وإنَّما رمل في طواف القدوم.
فصل ثمَّ أتى زمزمَ بعد أن قضى طوافه وهم يستقون فقال: «لولا أن يَغلِبكم النَّاس لنزلتُ فسقيتُ معكم» (6)، ثمَّ ناولوه الدَّلو، فشرِب وهو