زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وعلى هذا فيقال: عائشة أثبتت وجابر نفى، والمثبِت مقدَّمٌ على النَّافي. أو يقال: مراد جابر مَن قَرنَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وساق الهدي، كأبي بكر وعمر وطلحة وعلي وذوي اليسار، فإنَّهم إنَّما سعوا سعيًا واحدًا، وليس المراد به عموم الصَّحابة. أو يُعلَّل حديث عائشة بأنَّ تلك الزِّيادة فيه مدرجةٌ من قول هشام. وهذه ثلاث طرقٍ للنَّاس في حديثها، والله أعلم.
وأمَّا من قال: المتمتِّع يطوف ويسعى للقدوم بعد إحرامه بالحجِّ قبل خروجه إلى منًى، وهو قول أصحاب الشَّافعيِّ، ولا أدري أمنصوصٌ عنه أم لا؟ قال أبو محمد (1): فهذا لم يفعله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ولا أحدٌ من الصَّحابة البتَّة، ولا أمرهم به ولا نقله أحدٌ. قال ابن عبَّاسٍ (2): لا أرى لأهل مكَّة أن يطوفوا ولا أن يسْعَوا بين الصَّفا والمروة بعد إحرامهم بالحجِّ حتَّى يرجعوا من منًى. وعلى (3) قول ابن عبَّاسٍ قولُ (4) الجمهور مالك وأحمد وأبي حنيفة (5) وإسحاق وغيرهم.
والَّذين استحبُّوه قالوا: لمَّا أحرم بالحجِّ صار كالقادم، فيطوف ويسعى للقدوم. قالوا: ولأنَّ (6) الطَّواف الأوَّل وقع عن العمرة، فبقي طواف القدوم لم يأتِ به، فاستحبَّ له فعله عقيبَ الإحرام بالحجِّ.