
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقال البخاريُّ في «صحيحه» (1): وزعموا أنَّ الذي حلق النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - معمر بن عبد الله بن نَضْلة بن عوف. انتهى.
فقال للحلَّاق: «خُذْ» (2)، وأشار إلى جانبه الأيمن، فلمَّا فرغ منه قسَمَ شعره بين من يليه، ثمَّ أشار إلى الحلَّاق فحلق جانبه الأيسر، ثمَّ قال: «هاهنا أبو طلحة؟»، فدفعه إليه. هكذا وقع في «صحيح مسلم» (3).
وفي «صحيح البخاريّ» (4): عن ابن سيرين عن أنس: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا حلق رأسه كان أبو طلحة أوَّلَ من أخذ من شعره.
وهذا لا يناقض روايةَ مسلم، لجواز أن يصيب أبا طلحة من الشِّقِّ الأيمن مثلُ ما أصاب غيرَه، ويختصَّ بالشِّقِّ الأيسر. لكن قد روى مسلم في «صحيحه» (5) أيضًا من حديث أنس، قال: لمَّا رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمرةَ ونحرَ نُسكَه وحلق، ناولَ الحلَّاقَ شقَّه الأيمنَ فحلقه، ثمَّ دعا أبا طلحة الأنصاريَّ فأعطاه إيَّاه، ثمَّ ناوله الشِّقَّ الأيسر فقال: «احلِقْ»، فحلقه فأعطاه أبا طلحة، فقال: «اقسِمْه بين النَّاس». ففي هذه الرِّواية كما ترى أنَّ نصيب أبي طلحة كان الشِّقَّ الأيمن، وفي الأولى: أنَّه كان الأيسر.