
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ثمَّ جعل يسير العَنَقَ، وهو ضربٌ من السَّير ليس بالسَّريع ولا البطيء. فإذا وجد فَجْوةً ــ وهو المتَّسَع ــ نصَّ سَيْرَه (1)، أي: رفعه فوق ذلك، كلَّما أتى رَبْوةً من تلك الرُّبى أرخى للنَّاقة زِمامَها قليلًا حتَّى تصعد.
وكان يلبِّي في مسيره ذلك، لا يقطع التَّلبية. فلمَّا كان في أثناء الطَّريق نزل ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ فبال، وتوضَّأ وضوءًا خفيفًا، فقال له أسامة: الصَّلاة يا رسول اللَّه، فقال: «المصلَّى أمامَك» (2).
ثمَّ سار حتَّى أتى المزدلفة، فتوضَّأ وضوء الصَّلاة، ثمَّ أمر بالأذان، فأذَّن المؤذِّن ثمَّ أقام، فصلَّى المغرب قبل حطِّ الرِّحال وتبريكِ الجمال، فلمَّا حطُّوا رحالهم أمر فأقيمت الصَّلاة، ثمَّ صلَّى عشاء الآخرة بإقامةٍ بلا أذانٍ، ولم يصلِّ بينهما شيئًا (3)، وقد رُوي أنَّه صلَّاهما (4) بأذانين وإقامتين، وروي بإقامتين بلا أذانٍ، والصَّحيح: أنَّه صلَّاهما بأذانٍ وإقامتين، كما فعل (5) بعرفة (6).
ثمَّ نام حتَّى أصبح، ولم يُحْيِ تلك اللَّيلة، ولا صحَّ عنه في إحياء ليلتي العيدين شيءٌ (7).