
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الحكم الحادي عشر: منع المحرم من تغطية وجهه. وقد اختُلِف في هذه المسألة: فمذهب الشَّافعيِّ وأحمد في روايةٍ إباحتُه، ومذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد في روايةٍ المنعُ منه. وبإباحته قال ستَّةٌ من الصَّحابة: عثمان، وعبد الرَّحمن بن عوفٍ، وزيد بن ثابتٍ، وابن الزبير (1)، وسعد بن أبي وقَّاصٍ، وجابر (2). وفيه قولٌ ثالثٌ شاذٌّ: إن كان حيًّا فله تغطية وجهه، وإن كان ميِّتًا لم يجز أن يُغطَّى وجهه. قاله ابن حزمٍ (3)، وهو اللَّائق بظاهريَّته.
واحتجَّ المبيحون بأقوال هؤلاء الصَّحابة، وبأصل الإباحة، وبمفهوم قوله: «ولا تُخمِّروا رأسه». وأجابوا عن قوله: «ولا تُخمِّروا وجهه» بأنَّ هذه اللَّفظة غير محفوظةٍ فيه. قال شعبة (4): حدَّثنيه أبو بشر، ثمَّ سألته عنه بعد عشر سنين، فجاء بالحديث كما كان، إلا أنَّه قال: «لا تُخمِّروا رأسَه ولا وجهَه». قالوا: وهذا يدلُّ على ضعفها (5). قالوا: وقد روي في هذا الحديث (6): «خَمِّروا وجهه، ولا تُخمِّروا رأسه» (7).