
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
إذا وصلت الرَّائحة إلى أنفه من غير قصدٍ منه، أو شمَّه قصدًا لاستعلامه (1) عند شرائه، لم يُمنَع منه، ولم يجب عليه سَدُّ أنفه. فالأوَّل بمنزلة نظر الفجأة، والثَّاني بمنزلة نظر المستام والخاطب.
وممَّا يوضِّح هذا: أنَّ الذين أباحوا للمحرِم استدامةَ الطِّيب قبل الإحرام، منهم من صرَّح بإباحة تعمُّد شمِّه بعد الإحرام، صرَّح بذلك أصحاب أبي حنيفة، فقالوا في «جوامع الفقه» (2) لأبي يوسف: لا بأسَ بأن يشمَّ طيبًا تطيَّب به قبل إحرامه. قال صاحب «المفيد» (3): إنَّ (4) الطِّيب يتَّصل به فيصير تبعًا له؛ ليدفع به أذى التَّفَث (5) بعد إحرامه، فيصير كالسَّحور في حقِّ الصَّائم، يدفع به أذى الجوع والعطش في الصَّوم، بخلاف الثَّوب فإنَّه مباينٌ عنه.
وقد اختلف الفقهاء: هل هو ممنوعٌ من استدامته كما هو ممنوعٌ من ابتدائه، أو يجوز له استدامته؟ على قولين. فمذهب الجمهور جواز