
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
واجبًا كالجمعة عند من جعلها بدلًا، وكالتيمُّم للعاجز عن استعمال الماء فإنَّه واجبٌ عليه وهو بدلٌ، فإذا كان البدل قد يكون واجبًا، فكونه مستحبًّا أولى بالجواز، وتخلُّلُ الإحلال لا يمنع أن يكون الجميع عبادةً واحدةً كطواف الإفاضة، فإنَّه ركنٌ بالاتِّفاق، ولا يُفعَل إلا بعد التَّحلُّل الأوَّل، وكذلك رمي الجمار أيَّامَ منًى، وهو يُفعل بعد الحلِّ التَّامِّ، وصوم رمضان يتخلُّله الفطر في لياليه، ولا يَمنع ذلك أن يكون عبادةً واحدةً. ولهذا قال مالك وغيره: إنَّه يجزئ بنيَّةٍ واحدةٍ للشَّهر (1)، لأنَّه عبادةٌ واحدة. والله أعلم.
فصل وأمَّا قولكم: إذا لم يَجُزْ إدخال العمرة على الحجِّ، فلَأن لا يجوز فسخُه إليها أولى وأحرى= فنسمع جَعْجعةً ولا نرى طِحْنًا. وما وجه التَّلازم بين الأمرين؟ وما الدَّليل على هذه الدَّعوى الَّتي ليس بأيديكم برهانٌ عليها؟ ثمَّ القائل لهذا إن كان من أصحاب أبي حنيفة فهو معترفٌ (2) بفساد (3) هذا القياس. وإن كان من غيرهم طُولِب بصحَّة قياسه، فلا يجد إليه سبيلًا.
ثمَّ يقال: مُدخِل العمرة قد نقصَ بما (4) كان التزمه، فإنَّه كان يطوف طوافًا للحجِّ، ثمَّ طوافًا آخر للعمرة، فإذا قرنَ كفاه طوافٌ واحدٌ وسعيٌ واحدٌ بالسُّنَّة الصَّحيحة, وهو قول الجمهور، فقد نقص ممَّا كان يلتزمه (5). وأمَّا