
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وتارةً بالهدية (1)، وتارةً يَشتري (2) الشيء ثم يعطي البائع الثمنَ والسِّلْعةَ جميعًا، كما فعل بجابر (3) (4). وتارةً كان يقترض الشيءَ فيردُّ أكثرَ منه وأفضلَ (5)، ويشتري الشيءَ فيعطي أكثر من ثمنه. ويقبل الهديةَ ويكافئ عليها بأكثَر منها أو بأضعافها، تلطُّفًا وتنوُّعًا (6) في ضروب الصدقة والإحسان بكل ممكن.
وكانت صدقتُه وإحسانه بما يملكه وبحاله وبقوله، فيُخرِج ما عنده، ويأمر بالصدقة ويحضُّ عليها، ويدعو إليها بحاله وقوله، فإذا رآه البخيل الشَّحيح دعاه حاله إلى البذل والعطاء، وكان من خالطه وصَحِبَه ورأى هديَه لا يملك نفسه عن السماحة والنَّدى.
وكان هديه يدعو إلى الإحسان والصدقة والمعروف، ولذلك كان أشرحَ الخَلْق (7) صدرًا، وأطيبَهم نفسًا، وأنعمَهم قلبًا، فإن للصدقة وفِعْل المعروف تأثيرًا عجيبًا في شرح الصدر، فانضاف (8) ذلك إلى ما خصَّه الله به من شَرْحِ صدره للنبوة والرسالة وخصائصها وتوابعها، وشَرْحِ صدره حسًّا وإخراجِ حظِّ (9) الشيطان منه.