
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ولفظ البخاريِّ (1): «اختلف علي وعثمان وهما بعُسْفان في المتعة، فقال علي: ما تريد إلا أن تنهى عن أمرٍ فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا رأى عليٌّ ذلك أهلَّ بهما جميعًا».
وخرَّج البخاريُّ (2) وحده من حديث مروان بن الحكم قال: شهدتُ عليًّا وعثمان، وعثمانُ ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلمَّا رأى عليٌّ ذلك أهلَّ بهما: لبَّيك بعمرةٍ وحجَّةٍ، وقال: ما كنتُ أَدَعُ سنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقول أحدٍ.
فهذا يبيِّن أنَّ من جمع بينهما كان متمتِّعًا عندهم، وأنَّ هذا هو الذي فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد وافقه عثمان على أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك، فإنَّه لمَّا قال له: ما تريد إلى أمرٍ فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنهى عنه، لم يقل له: لَمْ يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولولا أنَّه وافقه على ذلك لأنكره. ثمَّ قصد عليٌّ موافقةَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والاقتداءَ به في ذلك، وبيانَ أنَّ فعْلَه لم يُنسَخ، فأهلَّ بهما جميعًا، تقريرًا للاقتداء به ومتابعته في القِران، وإظهارًا لسنَّةٍ نهى عنها عثمان متأوِّلًا، وحينئذٍ فهذا دليلٌ مستقلٌّ تمام العشرين.
الحادي والعشرون: ما رواه مالك، عن ابن شهابٍ، عن عروة، عن عائشة أنَّها قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجَّة الوداع، فأهللنا بعمرةٍ، ثمَّ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان معه هَدْيٌ فليُهِللْ بالحجِّ مع العمرة، ثمَّ لا يحلُّ حتَّى يحلَّ منهما جميعًا». رواه في «الموطأ» (3).