أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
له أن يفتي نفسه بالرخصة، وغيرَه بالمنع. ولا يجوز له إذا كان في المسألة قولان: [204/أ] قول بالجواز وقول بالمنع، أن يختار لنفسه قولَ الجواز، ولغيره قولَ المنع. وسمعت شيخنا يقول: سمعت بعض الأمراء يقول عن بعض المفتين من أهل زمانه: يكون عندهم في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها الجواز، والثاني المنع، والثالث التفصيل، فالجواز لهم، والمنع لغيرهم وعليه العمل.
الفائدة الثامنة والعشرون: لا يجوز للمفتي أن يعمل بما يشاء (1) من الأقوال والوجوه، من غير نظر في الترجيح، ولا يعتدّ به، بل يكتفي في العمل بمجرَّد كون ذلك قولًا قاله إمام، أو وجهًا ذهب إليه جماعة، فيعمل بما يشاء من الوجوه والأقوال: حيث رأى القول وفقَ إرادته وغرضه عمِلَ به، فإرادتُه وغرضُه هو العِيار (2)، وبها الترجيح؛ وهذا حرامٌ باتفاق الأمة (3).
وهذا مثلُ ما حكى القاضي أبو الوليد الباجي (4) عن بعض أهل زمانه