أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يكن (1) له معرفةٌ بالناس تصوَّر له الظالمُ بصورة المظلوم وعكسه، والمحِقُّ بصورة المبطِل وعكسه، وراج عليه المكر والخداع والاحتيال، وتصوَّر له الزنديق في صورة الصدِّيق، والكاذبُ في صورة الصادق، ولبِس كلُّ مبطلٍ ثوبي زورٍ (2) تحتهما (3) الإثم والكذب والفجور؛ وهو لجهله بالناس وأحوالهم وعوائدهم وعرفياتهم لا يميِّز هذا من هذا. بل ينبغي له أن يكون فقيهًا في معرفة مكر الناس (4) وخداعهم واحتيالهم وعوائدهم وعرفياتهم، فإن الفتوى تتغيَّر بتغيُّر الزمان والمكان والعوائد والأحوال، [202/أ] وذلك كلُّه من دين الله، كما تقدَّم بيانه. وبالله التوفيق.
الفائدة الرابعة والعشرون: في كلماتٍ حُفِظت عن الإمام أحمد في أمر الفتيا، سوى ما تقدَّم آنفًا: قال في رواية ابنه صالح: ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالمًا بوجوه القرآن، عالمًا بالأسانيد الصحيحة، عالمًا بالسنن (5).
وقال في رواية أبي الحارث: لا تجوز الفتيا إلا لرجل عالم بالكتاب والسنة (6).