
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ثم جاؤوا بها في قالب آخر، فقلت: لا تجوز إعادتهم. فذهبوا، ثم أتوا بها في قالب آخر، فقلت: هي المسألة المعيَّنة، وإن خرجت في عدة قوالب. ثم ذهب إلى السلطان، وتكلَّم عنده بكلام عجِبَ منه الحاضرون، فأطبق القوم على إبقائهم، ولله الحمد.
ونظائر هذه الحادثة أكثر من أن تحصى. فقد ألقى الشيطان على ألسنة أوليائه أن صوَّروا فتوى فيما يحدُث ليلة النصف في الجامع، وأخرجوها في قالب حسن، حتى استخفُّوا عقل بعض المفتين، فأفتاهم بجوازه. وسبحان الله، كم تُوُصِّل بهذه الطرق إلى إبطال حقٍّ، وإثبات باطل! وأكثر الناس إنما هم أهل ظواهر في الكلام واللباس والأفعال، وأهلُ النقد منهم الذين يعبُرون من الظاهر إلى حقيقته وباطنه لا يبلغون عُشْرَ معشار غيرهم، ولا قريبًا من ذلك. فالله المستعان.
الفائدة التاسعة عشرة: إذا سئل عن مسألة من الفرائض لم يجب عليه أن يذكر موانعَ الإرث، فيقول: بشرط أن لا يكون [198/ب] كافرًا ولا رقيقًا ولا قاتلًا. وإذا سئل عن فريضة فيها أخ وجب عليه أن يقول: إن كان لأبٍ فله كذا، وإن كان لأمٍّ فله كذا. وكذلك إذا سئل عن الأعمام وبنيهم وبني الإخوة وعن الجدِّ والجدَّة فلا بد من التفصيل.
والفرق بين الموضعين أن السؤال المطلق في الصورة الأولى يدل على الوارث الذي لم يقم به مانع من الميراث، كما لو سئل عن رجل باع أو آجرَ أو تزوَّج أو أقرَّ لم يجب عليه أن يذكر موانع الصحة من الجنون والإكراه ونحوهما إلا حيث يكون الاحتمال متساويًا.