
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يجب على المفتي أن يجيبه عنها. وقد كان السلف الطيب إذا سئل أحدهم عن مسألة يقول للسائل: هل كانت أو وقعت؟ فإن قال: لا، لم يجبه، وقال: دعنا في عافية (1). وهذا لأن الفتوى بالرأي لا تجوز إلا عند الضرورة، فالضرورة تبيحه كما تبيح الميتةَ عند الاضطرار. وهذا إنما هو في مسألة لا نصّ فيها ولا إجماع، فإن كان فيها [186/ب] نص أو إجماع فعليه تبليغه بحسب الإمكان. فمن سُئل عن علمٍ فكتَمه ألجمَه الله يوم القيامة بلجام من نار (2). هذا إذا أمن المفتي غائلة الفتوى؛ فإن لم يأمن غائلتها، وخاف من ترتُّب شرٍّ أكبر من الإمساك عنها، أمسك عنها ترجيحًا لدفع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما.
وقد أمسك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن نقض الكعبة وإعادتها على قواعد إبراهيم، لأجل حِدْثانِ عهدِ قريش بالإسلام (3)، وأنَّ ذلك ربما نفَّرهم عنه بعد الدخول فيه.
وكذلك إن كان عقل السائل لا يحتمل الجوابَ عما سأل عنه، وخاف المسؤول أن يكون فتنةً له، أمسك عن جوابه. قال ابن عباس - رضي الله عنهما - لرجل