
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
سورة المجادلة. قالت: كنتُ عنده، وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقُه وضجِر. قالت: فدخل عليَّ يومًا، فراجعتُه بشيء، فغضب، فقال: أنتِ عليَّ كظهر أمي. ثم خرج، فجلس في نادي قومه ساعةً، ثم دخل عليَّ، فإذا هو يريدني عن نفسي. قالت: قلتُ: كلَّا! والذي نفسُ خُوَيلة بيده، لا تخلصُ إليَّ، وقد قلتَ ما قلتَ حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكم. قالت: فواثبَني، فامتنعتُ منه، فغلبتُه بما تغلب المرأةُ الشيخَ الضعيفَ، فألقيتُه عنِّي. ثم خرجتُ إلى بعض جاراتي، فاستعرتُ منها ثيابها، ثم خرجتُ حتى جئتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فجلستُ بين يديه، فذكرتُ له ما لقيتُ منه. فجعلتُ أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه. فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا خويلةُ، ابنُ عمِّكِ شيخ كبير، فاتقي الله فيه». قالت: فوالله ما برحتُ حتى نزل القرآن. فتغشَّى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يتغشَّاه، ثم سُرِّيَ عنه، فقال: «يا خويلة، قد أنزل الله فيك وفي صاحبك». ثم قرأ عليَّ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} إلى قوله: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المجادلة: 1 - 4]. قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مُريه فليُعتِقْ رقبةً». وذكر نحو ما تقدم.
وعند ابن ماجه (1): أنها قالت: يا رسول الله أكَلَ شبابي، ونثرتُ له بطني، حتى إذا كبِرت (2) سنِّي، وانقطع ولدي ــ ظاهَر منِّي. اللهم إني أشكو إليك. فما برحت حتى نزل جبرائيل عليه السلام بهؤلاء الآيات.