أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
نُكِحت، ولم تُستأذن= فكيف بالعدول عن ذلك كلِّه ومخالفته بمجرَّد مفهوم قوله: «الأيِّم أحقُّ بنفسها من وليها»؟ كيف ومنطوقه صريح في أن هذا المفهوم الذي فهمه من قال: تُنكَح بغير اختيارها، غيرُ مراد؟ فإنه قال عقيبه: «والبكر تستأذن في نفسها».
بل هذا احتراز منه - صلى الله عليه وسلم - من حملِ كلامه على ذلك المفهوم، كما هو المعتاد في خطابه، كقوله: «لا يُقتَل مسلمٌ بكافر، ولا ذو عهد في عهده» (1)، فإنه لما نفى قتل المسلم بالكافر أوهمَ ذلك إهدارَ دم الكافر، وأنه لا حرمة له، فرفَع هذا الوهم بقوله: «ولا ذو عهد في عهده». ولما كان الاقتصار على قوله: «ولا ذو عهد» يوهم أنه لا يُقتَل إذا ثبت له العهدُ من حيث الجملة رفَع هذا الوهمَ بقوله: «في عهده»، وجعل ذلك قيدًا لعصمة العهد فيه.
وهذا كثير في كلامه - صلى الله عليه وسلم - لمن تأمَّله، كقوله: «لا تجلسوا على القبور، ولا تصلُّوا إليها» (2). فإن نهيه عن الجلوس عليها لما كان ربما يوهم [243/أ] التعظيم المحذور رفَعه بقوله: «ولا تصلُّوا إليها».
والمقصود: أن أمره باستئذان البكر، ونهيه عن نكاحها بدون إذنها، وتخييرها حيث لم تستأذن= لا معارض له، فيتعين القول به. وبالله التوفيق.
وسئل - صلى الله عليه وسلم - عن صداق النساء، فقال: «هو ما اصطلح عليه أهلوهم». ذكره الدارقطني (3).