أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: 1]، {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1]. وأما إقسامه بمخلوقاته التي هي آيات دالَّة عليه [190/ب] فكثيرٌ جدًّا.
الفائدة التاسعة: ينبغي للمفتي أن يفتي بلفظ النصِّ مهما أمكنه، فإنه يتضمَّن الحكم والدليل مع البيان التام، فهو حكم مضمون له الصواب، متضمِّن للدليل عليه في أحسن بيان، وقولُ الفقيه المعيَّن ليس كذلك.
وقد كان الصحابة والتابعون والأئمة الذين سلكوا على منهاجهم يتحرَّون ذلك غاية التحرِّي، حتى خلفت من بعدهم خلوفٌ رغبوا عن النصوص، واشتقُّوا لهم ألفاظًا غير ألفاظ النصوص؛ فأوجب ذلك هجرَ النصوص، ومعلومٌ أن تلك الألفاظ لا تفي بما تفي به النصوص من الحكم والدليل وحسن البيان. فتولَّد من هجرانِ ألفاظ النصوص، والإقبالِ على الألفاظ الحادثة، وتعليقِ الأحكام بها= على الأمة من الفساد ما لا يعلمه إلا الله.
فألفاظ النصوص عصمة وحجة بريئة من الخطأ والتناقض والتعقيد والاضطراب. ولما كانت هي عصمة الصحابة (1) وأصولهم التي إليها يرجعون كانت علومهم أصحَّ من علوم مَن بعدهم، وخطؤهم فيما اختلفوا فيه أقلُّ من خطأ مَن بعدهم. ثم التابعون بالنسبة إلى من بعدهم كذلك، وهلمَّ جرًّا. ولما استحكم هجرانُ النصوص عند أكثر أهل الأهواء والبدع كانت علومُهم في مسائلهم وأدلّتهم في غاية الفساد والاضطراب والتناقض.