
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تردَّد أو حاك في صدره لعلمه بالحال في الباطن، أو لشكِّه فيه، أو لجهله به، أو لعلمه جهلَ المفتي، أو محاباتَه في فتواه، أو عدمَ تقيُّده (1) بالكتاب والسنة، أو لأنه معروف بالفتوى بالحيل والرُّخَص المخالفة للسنة وغير ذلك، من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه وسكون النفس إليها. فإن كان عدمُ الثقة والطمأنينة لأجل المفتي سأل ثانيًا وثالثًا حتى تحصل له الطمأنينة (2). فإن لم يجد فلا يكلِّف الله نفسًا إلا وسعها، والواجب تقوى الله بحسب الاستطاعة.
فإن كان في البلد مفتيان أحدهما أعلم من الآخر، فهل يجوز استفتاء المفضول مع وجود الفاضل؟ فيه قولان للفقهاء، وهما وجهان لأصحاب الشافعي وأحمد. فمن جوَّز ذلك رأى أنه يُقبَل قولُه إذا كان وحده، فوجود من هو أفضل منه لا يمنع من قبول قوله كالشاهد. ومن منع استفتاءه قال: المقصود حصول ما يغلِّب على الظن الإصابة، وغلبةُ الظن بفتوى الأعلم أقوى، فيتعيَّن. والحقُّ: التفصيل بأن المفضول إن ترجَّح بديانة [218/أ] وورع وتحرٍّ (3) للصواب، وعدِمَ ذلك الفاضلُ، فاستفتاء المفضول جائز إن لم يتعيَّن. وإن استويا فاستفتاءُ الأعلم أولى (4). والله أعلم.
الفائدة السابعة والخمسون: إذا لم يعرف المفتي لسان السائل، أو لم يعرف المستفتي لسان المفتي، أجزأ ترجمةُ واحد بينهما، لأنه خبر محض