أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الفائدة الثامنة والثلاثون: إذا سأل المستفتي عن مسألة لم تقع، فهل تستحَبُّ إجابته، أو تُكرَه، أو يخيَّر؟ فيه ثلاثة أقوال. وقد حكي عن كثير من السلف (1) أنه كان لا يتكلَّم فيما لم يقع. وكان بعض السلف إذا سأله الرجل عن مسألة قال: هل كان ذلك؟ فإن قال: نعم، تكلَّف له الجواب، وإلا قال: دعنا في عافية (2).
وقال الإمام أحمد لبعض أصحابه: إياك أن تتكلَّم في مسألة ليس لك فيها إمام (3).
والحقُّ: التفصيل. فإن كان في المسألة نصٌّ من كتاب الله أو سنَّةٍ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أثرٍ عن الصحابة لم يُكرَه الكلام فيها. وإن لم يكن فيها نصٌّ ولا أثر، فإن كانت بعيدة الوقوع أو مقدَّرةً لا تقع لم يُستحَبَّ له الكلام فيها. وإن كان وقوعها غير نادر ولا مستبعد، وغرضُ السائل الإحاطةُ بعلمها ليكون منها على بصيرة إذا وقعت= استُحِبَّ له الجواب بما يعلم، لا سيما إن كان السائل يتفقَّه بذلك، ويعتبر بها نظائرها، ويفرِّع عليها. فحيث كانت مصلحة الجواب راجحةً كان هو الأولى. والله أعلم.
الفائدة التاسعة [207/ب] والثلاثون: لا يجوز للمفتي تتبُّعُ الحيل المحرَّمة والمكروهة، ولا تتبُّع الرخص لمن أراد نفعه. فإن تتبَّعَ ذلك فسَقَ، وحرُم استفتاؤه وإن (4) حسن قصدُه في حيلة جائزة لا شبهة فيها ولا مفسدة