أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 485
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بموجبها حكَم بخلاف ما يعتقد صحته، وإن حكَم بخلافها طرق الخصمُ إلى تهمته والتشنيع عليه بأنه يحكُم بخلاف ما يعتقده ويفتي به.
ولهذا قال شريح: أنا أقضي لكم، ولا أفتي (1). حكاه ابن المنذر (2)، واختار كراهية الفتوى في مسائل الأحكام.
وقال الشيخ أبو حامد الإسفراييني (3): لأصحابنا في فتواه في مسائل الأحكام جوابان.
أحدهما: أنه ليس له أن يفتي فيها، لأن لكلام الناس عليه مجالًا، ولأحد الخصمين عليه مقالًا. والثاني: له ذلك، لأنه أهل له.
الفائدة السابعة والثلاثون: فتيا الحاكم ليست حكمًا منه، فلو (4) حكم غيرُه بخلاف ما أفتى به لم يكن نقضًا لحكمه. ولا هي كالحكم، ولهذا يجوز أن يفتي الحاضرَ والغائبَ ومن يجوز حكمه له ومن لا يجوز. ولهذا لم يكن في حديث هند (5) دليل على الحكم على الغائب، لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أفتاها فتوى مجرَّدة، ولم يكن ذلك حكمًا على الغائب، فإنه لم يكن غائبًا عن البلد، وكانت مراسلته وإحضاره ممكنة، ولا طلب البينة على صحة دعواها. وهذا ظاهر بحمد الله.