
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ظهر لك التفاوتُ، وانضم إلى هذا أن التابعين موافقون لهم على ذلك؛ فإن الفقهاء السبعة وغيرهم من فقهاء المدينة الذين أخذوا عن زيد بن ثابت وغيره متفقون على إبطال الحيل، وكذلك أصحاب عبد الله بن مسعود من أهل الكوفة، وكذلك أصحاب فقهاء البصرة كأيوب وأبي الشعثاء والحسن وابن سيرين، وكذلك أصحاب ابن عباس.
وهذا في غاية القوة من الاستدلال، فإنه انضمَّ إلى كثرة فتاويهم بالتحريم في أفراد هذا الأصل وانتشارها أن عصرهم انصرم، ورقعة الإسلام متسعة، وقد دخل الناس في دين الله أفواجًا، وقد اتسعت الدنيا على المسلمين أعظمَ اتساع، وكثر من كان يتعدَّى الحدود، وكان المقتضي لوجود هذه الحيل موجودًا، فلم يُحفظ عن رجل واحد منهم أنه أفتى بحيلة واحدة منها وأمر بها أو دلّ عليها، بل المحفوظ عنهم النهي والزجر عنها؛ فلو كانت هذه الحيل مما يسوغ فيها الاجتهاد لأفتى بجوازها رجل منهم، ولكانت مسألة نزاعٍ كغيرها، بل أقوالهم وأعمالهم وأحوالهم متفقة على تحريمها والمنع منها، ومضى على أثرهم أئمة الحديث والسنة في الإنكار.
قال الإمام أحمد في رواية موسى بن سعيد الدَّنداني (1): لا يجوز شيء من الحيل (2). وقال في رواية الميموني وقد سأله عمن حلف على يمين ثم احتال لإبطالها، فقال: نحن لا نرى الحيلة (3). وقال في رواية بكر بن