
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237]، ويَنْهَدُ الأشرار، ويُستذلُّ الأخيار، ويُبايَعُ (1) المضطرون، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المضطرّ، وعن بيع الغَرر، وبيع الثمر قبل أن يطعم.
وله شاهد من حديث حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه سعيد (2) عن هُشيم عن كوثر بن حكيم عن مكحول: بلغني عن حذيفة أنه حدّث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن بعد زمانكم هذا زمانًا عَضوضًا، يعضُّ الموسر على ما في يديه، ولم يُؤمر (3) بذلك، قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39]، ويَنْهَد شرار خلق الله، يبايعون كلَّ مضطر، ألا إنّ بيعَ المضطرّ حرام، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخونه، إن كان عندك خير فعُدْ به على أخيك، ولا تزِدْه هلاكًا إلى هلاكه».
وهذا من دلائل النبوة، فإن عامة العِينة إنما تقع من رجل مضطر إلى نفقة يضِنُّ بها (4) عليه الموسر بالقرض حتى يربح عليه في المائة ما أحب، وهذا المضطر إن أعاد السلعة إلى بائعها فهي العينة، وإن باعها لغيره فهو