أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الذي أخطأه أولئك الأئمة؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
الوجه الخامس عشر: ما روى مسلم في «صحيحه» (1) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: صلَّينا المغرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقلنا: لو جلسنا حتى نصلِّي معه العشاء، فجلسنا، فخرج علينا فقال: «ما زِلْتم هاهنا؟» فقلنا: يا رسول الله، صلَّينا معك المغربَ ثم قلنا: نجلس حتى نصلّي معك العشاء. قال: «أحسنتم وأصبتم»، ورفع رأسه إلى السماء، وكان كثيرًا ما يرفع رأسه إلى السماء، فقال: «النجومُ أَمَنةٌ للسماء، فإذا ذهبتِ النجومُ أتى السماءَ ما تُوعد، وأنا أَمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يُوعَدون، وأصحابي أَمَنَةٌ لأمتي، فإذا ذهبَ أصحابي أتى أمتي ما يُوعَدون». ووجه الاستدلال بالحديث أنه جعل نسبةَ أصحابه إلى من بعدهم كنسبته إلى أصحابه، وكنسبة النجوم إلى السماء، ومن المعلوم أن هذا التشبيه يُعطي من وجوب اهتداء الأمة بهم ما هو نظير اهتدائهم هم بنبيهم - صلى الله عليه وسلم -، ونظير اهتداء أهل الأرض بالنجوم. وأيضًا فإنه جعل بقاءهم بين الأمة أمنةً لهم وحِرزًا من الشر وأسبابه، فلو جاز أن يُخطئوا فيما أفتوا به ويَظفر به مَن بعدهم لكان الظافرون بالحق أمنةً للصحابة وحِرزًا لهم، وهذا من المحال.
الوجه السادس عشر: ما رواه أبو عبد الله ابن بطَّة (2) من حديث الحسن