أعلام الموقعين عن رب العالمين ج4

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج4

4884 1

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد عزير شمس

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 638

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]



أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

نحصل من المعية ما يصدُق عليه الاسم. وهذا غلط عظيم في فهم مراد الربّ تعالى من أوامره؛ فإذا أمرنا بالتقوى والبر والصدق والعفة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد ونحو ذلك لم يُرِدْ منا أن نأتي من ذلك بأقلِّ ما يُطلَق عليه الاسم، وهو مطلق الماهية المأمور بها، بحيث نكون ممتثلين لأمره إذا أتينا بذلك. وتمام تقرير هذا الوجه بما تقدَّم في تقرير الأمر بمتابعتهم سواء.
الوجه التاسع: قوله تبارك وتعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]، ووجه الاستدلال بالآية أنه سبحانه أخبر أنه جعلهم أمةً خِيارًا عَدْلًا، هذا حقيقة الوسط، فهم خير الأمم وأعدلُها في أقوالهم وأعمالهم وإرادتهم ونياتهم، وبهذا استحقوا أن يكونوا شهداء للرسل على أممهم يوم القيامة، والله سبحانه يقبل شهادتهم عليهم، فهم شهداؤه، ولهذا نوَّه بهم ورفع ذكرهم وأثنى عليهم؛ لأنه سبحانه لما اتخذهم شهداء أَعلَمَ خلْقَه من الملائكة وغيرهم بحال هؤلاء الشهداء، وأمر ملائكته أن تصلِّي عليهم وتدعوَ لهم وتستغفر لهم.
والشاهد المقبول عند الله هو الذي يشهد بعلم وصدقٍ، فيخبر بالحق مستندًا إلى علمه به، كما قال تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86]. فقد يخبر الإنسان بالحق اتفاقًا من غير علمه به، وقد يعلمه ولا يخبر به؛ فالشاهد المقبول عند الله هو الذي يخبر به عن علم. فلو كان علمُهم أن يفتي أحدهم بفتوى وتكون خطأ مخالِفةً لحكم الله ورسوله، ولا يفتي غيره بالحق الذي هو حكم الله ورسوله، إما مع اشتهار فتوى الأول أو

الصفحة

598/ 638

مرحباً بك !
مرحبا بك !