أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأيضًا فالرضوان عمَّن اتبعهم دليلٌ على أن اتباعهم صواب ليس بخطأ؛ فإنه لو كان خطأً لكان غاية صاحبه [177/أ] أن يُعفَى له عنه، فإن المخطئ إلى أن يُعفَى عنه أقربُ منه إلى أن يُرْضَى عنه، وإذا كان صوابًا وجب اتباعه؛ لأن خلاف الصواب خطأ، والخطأ يحرُم اتباعه إذا عُلِم أنه خطأ، وقد عُلِم أنه خطأ بكونِ الصواب خلافه.
وأيضًا فإذا كان اتباعهم موجِب الرضوان لم يكن ترك اتباعهم موجِب الرضوان؛ لأن الجزاء لا يقتضيه وجود الشيء وضده ولا وجوده ولا عدمه؛ لأنه يبقى عديم الأثر في ذلك الجزاء، وإذا كان في المسألة قولان أحدهما يوجب الرضوان والآخر لا يوجبه كان الحق هو ما يوجبه، وهذا المطلوب.
وأيضًا فإنّ طلب رضوان الله واجب؛ لأنه إذا لم يُوجَد رضوانه فإما سخطه أو عفوه، والعفو إنما يكون مع انعقاد سبب الخطيئة، وذلك لا يُباح مباشرته إلا بالنصّ، وإذا كان رضوانه إنما هو في اتباعهم، واتباعُ رضوانه واجب= كان اتباعهم واجبًا.
وأيضًا فإنه إنما أثنى على المتَّبع بالرضوان، ولم يصرِّح بالوجوب؛ لأن إيجاب الاتباع يدخل فيه الاتباعُ في الأفعال، ويقتضي تحريمَ مخالفتهم مطلقًا، فيقتضي ذمَّ المخطئ، وليس كذلك. أما الأقوال فلا وجهَ لمخالفتهم فيها بعدما ثبت أن فيها رضا الله عز وجلّ.
وأيضًا فإن القول إذا ثبت أن فيه رضا الله لم يكن رضا الله في ضدِّه، بخلاف الأفعال فقد يكون رضا الله في الأفعال المختلفة وفي الفعل والترك بحسب قصدَينِ وحالَينِ. أما الاعتقادات والأقوال فليست كذلك، فإذا ثبت أن في قولهم رضوان الله تعالى لم يكن الحق والصواب إلا هو؛ فوجب