
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل وهل من شرط الاستثناء أن يتكلَّم به، أو ينفع إذا كان في قلبه وإن لم يتلفَّظ به؟ فالمشهور من مذاهب الفقهاء أنه لا ينفعه حتى يتلفَّظ به، ونصَّ عليه (1) أحمد فقال في رواية ابن منصور (2): لا يجوز له أن يستثني في نفسه حتى يتكلَّم به.
وقد قال أصحاب أحمد (3) وغيرهم: لو قال: «نسائي طوالق» واستثنى بقلبه «إلا فلانة» صحَّ استثناؤه، ولم تَطْلُق. ولو قال: «نسائي الأربع طوالق» واستثنى بقلبه «إلا فلانة» لم ينفعه. وفرّقوا بينهما بأن الأول ليس نصًّا في الأربع، فجاز تخصيصه بالنية، بخلاف الثاني.
ويلزمهم على هذا الفرق أن يصحَّ تقييده بالشرط بالنية؛ لأن غايته أنه تقييدُ مطلق؛ فعملُ النية فيه أولى من عملها في تخصيص العام؛ لأن العام متناول للأفراد وضعًا، والمطلق لا يتناول جميع الأحوال بالوضع، فتقييده بالنية أولى من تخصيص العام بالنية. وقد قال صاحب «المغني» (4) وغيره: إذا قال: «أنت طالق»، ونوى بقلبه من غير نطق: إن دخلت الدار أو بعد شهر، أنه يدين فيما بينه وبين الله تعالى. وهل يُقبل في الحكم؟ على روايتين، وقد قال الإمام أحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم فيمن حلف لا يدخل الدار وقال: «نويت شهرًا»: قُبِل منه، أو قال: «إذا دخلت دار فلان فأنت طالق»