
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وإن تركها؛ فإن الله سبحانه لم يوجب التورية على من أكره على كلمة الكفر وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان، مع أن التورية هناك أولى.
ولأن المكره إنما لم (1) يعتبر لفظه لأنه غير قاصدٍ لمعناه، ولا مريد لموجبه، وإنما تكلم به فداءً لنفسه من ضرر الإكراه، فصار تكلُّمه باللفظ لغوًا بمنزلة كلام المجنون والنائم ومن لا قصدَ له، فسواءٌ ورَّى أو لم يُورِّ.
وأيضا فاشتراط التورية إبطال لرخصة التكلُّم مع الإكراه، ورجوع إلى القول بنفوذ طلاق المكره؛ فإنه لو ورَّى بغير إكراه لم يقع طلاقه، فالتأثير إذًا إنما هو للتورية لا للإكراه، وهذا باطل.
وأيضًا فإن المورِّي إنما لم يقع طلاقه مع قصده للتكلُّم باللفظ؛ لأنه لم يقصد مدلوله، وهذا المعنى بعينه [152/أ] ثابت في الإكراه، فالمعنى الذي منع من النفوذ في التورية هو الذي منع من (2) النفوذ في الإكراه.
فصل المخرج الرابع: أن يستثني في يمينه أو طلاقه، وهذا موضع اختلف فيه الفقهاء: فقال الشافعي وأبو حنيفة: يصح الاستثناء في الإيقاع والحلف، فإذا قال: «أنتِ طالق إن شاء الله» أو «أنتِ حرة إن شاء الله» أو «إن كلَّمتِ فلانًا فأنتِ طالق إن شاء الله» (3) أو «الطلاقُ يلزمني لأفعلنَّ كذا إن شاء الله» أو «إن