
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ومُبطِنًا لخلافه؛ فالأول نفاق في أصل الدين، وهذا نفاق في فروعه.
يوضِّح ذلك ما ثبت عن ابن عباس أنه جاءه رجل فقال: إن عمي طلَّق امرأته ثلاثًا، أيُحِلُّها له رجل؟ فقال: من يخادعِ الله يخدعْه (1). وصح عن أنس وعن ابن عباس أنهما سئلا عن العِينة، فقالا: إن الله لا يخدع، هذا (2) مما حرّم الله ورسوله (3). فسمَّيا ذلك خداعًا، كما سمّى عثمان وابن عمر نكاح المحلِّل نكاح دُلْسَة (4). وقال أيوب السختياني في أهل الحيل: يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان، فلو أَتوا الأمر عِيانًا كان أهون عليّ (5). وقال شريك بن عبد الله القاضي في كتاب الحيل: هو كتاب المخادعة (6).
وتلخيص هذا (7) أن الحيل المحرَّمة مخادعة لله، ومخادعة الله حرام.
أما المقدمة الأولى فإن الصحابة والتابعين ــ وهم أعلم الأمة بكلام الله ورسوله ومعانيه ــ سمَّوا ذلك خداعًا، وأما الثانية فإن الله ذمَّ أهل الخداع،