
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
لتحريم نكاح الأمة؟ أو يقال ــ وهو أظهر ــ: إن الله سبحانه منعَ من نكاح الإماء لأنهن في الغالب لا يُحجَبن حَجْبَ الحرائر، وهنّ في مهنة ساداتهن وحوائجهم (1)، وهن بَرْزَاتٌ (2) لا مخدَّرات؟ وهذه كانت عادة العرب في إمائهم (3) وإلى اليوم، فصان الله سبحانه للأزواج أن تكون زوجاتهم بهذه المثابة، مع ما يتبع ذلك من رِقِّ الولد، وأباحه لهم عند الضرورة إليه كما أباح الميتة والدم ولحمَ الخنزير عند المخمصة، وكل هذا منعٌ منه سبحانه لنكاح (4) غير المُحْصَنة، ولهذا شرطَ سبحانه في نكاحهن أن يكنَّ {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء: 25]، أي: غير زانيةٍ مع من كان، ولا زانية مع خِدْنِها وعشيقها دون غيره، فلم يُبِح لهم نكاحَ الإماء إلا بأربعة شروط: عدم الطَّول، وخوفُ العَنَت، وإذنُ سيدها، وأن تكون عفيفةً غير فاجرة فجورًا عامًّا ولا خاصًّا، والله أعلم.
المثال الرابع والسبعون: إذا لم تُمكِّنه أَمتُه من نفسها حتى يُعتِقها ويتزوَّجها، وهو لا يريد إخراجها عن ملكه، ولا تصبر نفسُه عنها؛ فالحيلة أن يبيعها أو يهبَها لمن يثق به، ويُشهِد عليه من حيث لا تعلم هي، والبيع أجودُ لأنه لا يحتاج إلى قبض، ثم يُعتقها، ثم يتزوجها، فإذا فعل استردَّها من المشتري من حيث لا تعلم الجارية، فانفسخ النكاح، فيطؤها بمِلك اليمين، ولا عدةَ عليها.