
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وردّ ذلك عليه المازري وغيره، وقالوا: السلطان لم يتعرض في البيع إلى خلافٍ ولا وفاق، ولا قصد إلى حكمه يرفع النزاع، وقد حكى بعض الشيوخ الخلاف في بيع البراءة ولو تولّاه السلطان بنفسه. قال: وذلك لأن سحنون قال: وكان قول مالك القديم أن بيع السلطان وبيع الوارث لا قيامَ فيه بعيبٍ ولا بعهدة. قال: وهذا يدل على أن له قولًا آخر خلاف هذا. قال: ويدل عليه أن ابن القاسم [130/أ] قال: إذا بيع عبد على مفلس فإن للمشتري أن يردَّه بالعيب (1)، قال: والصواب أن بيع السلطان وبيع الورثة كغيرهما.
قال المازري: أما بيع الورثة لقضاء ديونه وتنفيذ وصاياه فإن فيه الخلاف المشهور. قال: وأما ما باعوه لأنفسهم للانفصال من شركة بعضهم لبعض فملتحق ببيع الرجل مالَ نفسه بالبراءة، وكذلك من باع للإنفاق على مَن (2) في ولايته.
قلت: وقول المازري: «إن بيع السلطان لا تعرُّضَ فيه لحكمٍ» مبني على أصل، وهو أن الحاكم إذا عقد بنفسه عقدًا مختلَفًا فيه هل يكون بمنزلة حكمه به فيسوغ تنفيذه ولا يسوغ رده، أو لا يكون حكمًا منه به (3) فيسوغ لحاكمٍ آخر خلافُه؟ وفي هذا الأصل قولان للفقهاء، وهما في مذهب أحمد وغيره. فهذا تقرير مذهب مالك في هذه المسألة.
وأما مذهب أبي حنيفة: فإنه يصحِّح البيع والشرط، ولا يمكن المشتري