
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
المؤجل ببعضه حالًّا، وهو عين الربا، وفي الإنكار المدعي يقول: هذه المائة الحالَّة عوضٌ عن مائتين مؤجلة، وذلك لا يجوز، وهذا قول ابن عمر (1).
والقول الثاني: يجوز، وهو قول ابن عباس (2)، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد حكاها ابن أبي موسى (3) وغيره، واختارها شيخنا؛ لأن هذا عكس الربا؛ فإن الربا يتضمن الزيادة في أحد العوضين في مقابلة الأجل، وهنا يضمن براءة ذمته من بعض العوض في مقابلة سقوط الأجل، فسقط بعض العوض في مقابلة سقوط بعض الأجل، فانتفع به كل واحد منهما، ولم يكن هنا ربًا لا حقيقة ولا لغةً ولا عرفًا، فإن الربا الزيادة وهي منتفية هاهنا، والذين حرَّموا ذلك إنما قاسوه على الربا، ولا يخفى الفرق الواضح بين قوله: إما أن تُربِي وإما أن تَقضِي (4) وبين قوله: عجِّلْ لي وأهبُ لك مائة، فأين أحدهما من الآخر؟ فلا نصَّ في تحريم ذلك ولا إجماع ولا قياس صحيح.
والقول الثالث: يجوز ذلك في دَين الكتابة، ولا يجوز في غيره، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة. قالوا: لأن ذلك يتضمن تعجيلَ العتق المحبوب