
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
عزم عليه واستثنى نفَعَه ذلك بالسنة الصحيحة الصريحة التي لا معارضَ لها بوجهٍ في غير حديث، كقول الملَك لسليمان: «قل إن شاء الله» (1)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إلّا الإذْخِر» بعد أن ذكَّره به العباس (2)، وقوله: «إن شاء الله» بعد أن قال: «لأغزونَّ قريشًا»، ثلاث مرات، ثم قال بعد الثالثة وسكوته: «إن شاء الله» (3).
والقرآن صريح في نفع الاستثناء إذا نسيه ولم ينْوِه في أول كلامه ولا أثنائه في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 23 - 24]، وهذا إما أن يختصّ بالاستثناء إذا نسيه كما فسَّره به جمهور المفسرين، أو يعمّه ويعمّ غيرَه وهو الصواب؛ فأما أن يُخرج منه الاستثناء الذي سِيق (4) الكلام لأجله ويُردّ إلى غيره فلا يجوز، ولأن الكلام الواحد لا يعتبر في صحته نية كل جملة من جمله وبعضٍ من أبعاضه؛ فالنص والقياس يقتضي نفعَ الاستثناء، وإن خطر له بعد انقضاء الكلام، وهذا هو الصواب المقطوع به.