
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بعد المدة، فالحيلة في أمنه من ذلك أن يقول: متى حبستَها بعد انقضاء المدة فأُجرتها كلَّ يومٍ كذا وكذا، فإنه يخاف من حبسها أن يلزمه بذلك.
المثال الرابع: لا يجوز استئجار الشمع ليُشعِله، لذهاب عين المستأجر، والحيلة في تجويز هذا العقد أن يبيعه من الشمعة أَواقيَّ معلومةً، ثم يُؤجِره إياها، فإن كان الذي أشعل منها ذلك القدر، وإلا احتسب له بما أذهبه منها. وأحسنُ من هذه الحيلة أن يقول: بعتك من هذه الشمعة كلَّ أوقيةٍ بدرهم، قلَّ المأخوذ منها أو كثر. وهذا جائز على أحد القولين في مذهب الإمام أحمد، اختاره شيخنا، وهو الصواب المقطوع به، وهو مخرَّجٌ على نص الإمام أحمد في جواز إجارة الدار كل شهر بدرهم، وقد آجَر عليٌّ - رضي الله عنه - نفسَه كلّ دلوٍ بتمرة (1). ولا محذورَ في هذا أصلًا، ولا يُفضي إلى تنازع ولا تشاحنٍ، بل عمل الناس في أكثر بياعاتهم عليه، ولا يضرُّ جهالة كمية المعقود عليه عند البيع؛ لأن الجهالة المانعة من صحة العقد هي التي تؤدِّي إلى القِمار والغرر، ولا يدري العاقد على أي شيء يدخل، وهذه لا تؤدِّي إلى شيء من ذلك، بل إن أراد قليلًا أخذ والبائع راضٍ، وإن أراد كثيرًا أخذ والبائع راضٍ، والشريعة لا تحرِّم مثل هذا ولا تمنع منه، بل هي أسمحُ من ذلك وأحكمُ.