
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
لأحدهما أو حكمةٌ للشارع فتجبُ مراعاتها؟ فإن قيل: فجوِّزوا على هذا أن يقول له: اجعل الدين الذي عليك رأسَ مال السلم (1) في كذا وكذا.
قيل: شرط صحة النقض أمران؛ أحدهما: أن تكون الصورة التي نُقِض بها مساويةً لسائر الصور في المعنى الموجب للحكم. الثاني: أن يكون الحكم فيها معلومًا بنص أو إجماع. وكلا الأمرين منتفٍ هاهنا، فلا إجماع معلوم في المسألة وإن كان قد حُكِي، وليست مما نحن فيه؛ فإن المانع من جوازها رأى أنها من باب بيع الدين بالدين، بخلاف ما نحن فيه، والمجوِّز لها يقول: ليس عن الشارع نصٌّ عام في المنع من بيع الدين بالدين، وغاية ما ورد فيه حديث وفيه ما فيه: أنه «نهى عن بيع الكالئ بالكالئ» (2)، والكالئ: هو المؤخَّر، وهذا كما إذا كان رأس مال السلم دينًا في ذمة المسلم، فهذا هو الممنوع منه بالاتفاق؛ لأنه يتضمن شَغْل الذمتين بغير مصلحة لهما، وأما إذا كان الدين في ذمة المسلم إليه فاشترى به شيئًا في ذمته فقد سقط الدين من ذمته وخلفه دين آخر واجب، فهذا من باب بيع الساقط بالواجب، فيجوز كما يجوز بيع الساقط بالساقط في باب المقاصَّة. فإن بنى المستأجر أو أنفق على