
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الجزئيات: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 23]، وأخبر عن الظانّين بالله ظنَّ السَّوء أن {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (1) [الفتح: 6]، فلم يتواعد بالعقاب أحدًا أعظمَ ممن ظنَّ به ظنَّ السَّوء، وأنت لا تظنّ به ظنّ السّوء، فما لك وللعقاب؟ وأمثال هذا من الحق الذي يجعلونه وُصْلةً لهم، وحيلةً إلى استهانته بالكبائر، وأخْذِه الأمنَ لنفسه.
وهذه حيلة لا ينجو (2) منها إلا الراسخ في العلم، العارف بأسماء الله وصفاته، فإنه كلما كان بالله أعرفَ كان له أشدَّ خشيةً، وكلما كان به أجهلَ كان أشدَّ غرورًا به وأقلَّ خشيةً.
فإن أعجزتْهم هذه الحيلة وعظُمَ وقار الله في قلب العبد هوَّنوا عليه الصغائر، وقالوا له: إنها تقع مكفَّرةً باجتناب الكبائر حتى كأنها لم تكن، وربما مَنَّوه أنه إذا تاب منها كُتب له مكانَ كل سيئةٍ حسنةٌ، فيقولون له: كثِّر منها ما استطعتَ، ثم اربَحْ مكان كل سيئة حسنةً بالتوبة، ولو قبلَ الموت بساعة.
فإن أعجزتْهم هذه الحيلة وخلَّص الله عبدَه منها نقلَه (3) إلى الفضول من أنواع المباحات والتوسع فيها، وقال له: قد (4) كان لداود مائة امرأة إلا