
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
سيما إن كان محسنًا بأخذه الوديعة، و {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91]، {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الشورى: 42]، وهذا شأن الغارّ الظالم.
وقد قضى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن المشتري المغرور بالأمة إذا وطئها ثم خرجت مستحقة، وأخذ منه سيدها المهر، رجع به على البائع لأنه غرَّه (1).
وقضى علي أنه لا يرجع به لأنه استوفى عوضه.
وهاتان الروايتان عن الصحابة هما قولان للشافعي وروايتان عن الإمام أحمد، ومالك أخذ بقول عمر، وأبو حنيفة أخذ بقول علي.
وقول عمر أفقهُ، لأنه لم يدخل على أنه يستمتع بالمهر، وإنما دخل على الاستمتاع بالثمن وقد بذله. وأيضًا فالبائع ضمن له بعقد البيع سلامة الوطء كما ضمن له سلامة الولد، فكما يرجع عليه بقيمة الولد يرجع عليه بالمهر.
فإن قيل: فما تقولون في أجرة الاستخدام إذا ضمنه إياها المستحق، هل يرجع بها على الغارّ؟ قلنا: نعم يرجع بها (2)، وقد صرّح بذلك القاضي وأصحابه، وقد قضى