
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
لنصوص الشارع نظير من كلام غيره أبدًا، بل نصوص الواقف يتطرَّق إليها التناقض والاختلاف، ويجب إبطالها إذا خالفت نصوص الشارع وإلغاؤها، ولا حرمةَ لها حينئذٍ البتةَ، ويجوز بل يترجح مخالفتها إلى ما هو أحبُّ إلى الله ورسوله منها وأنفع للواقف والموقوف عليه، ويجوز اعتبارها والعدول (1) عنها مع تساوي الأمرين، ولا يتعيَّن الوقوف معها. وسنذكر إن شاء الله فيما بعدُ ونبيِّن ما يحلُّ الإفتاء به (2) وما لا يحلُّ من شروط الواقفين؛ إذ (3) القصد بيان بطلان هذه الحيلة شرعًا وعرفًا ولغةً.
فصل ومن الحيل الباطلة: ما لو حلف أن لا يفعل شيئًا، ومثله لا يفعله بنفسه أصلًا، كما لو حلف السلطان أن لا يبيع كذا، ولا يحرث هذه الأرض ولا يزرعها، ولا يُخرِج هذا من بلده، ونحو ذلك، فالحيلة أن يأمر غيره أن يفعل ذلك، ويَبَرُّ (4) في يمينه إذا لم يفعله بنفسه.
وهذا من أبرد الحيل وأسمجِها وأقبحها، وفعل ذلك هو الحنث الذي حلف عليه بعينه، ولا يشكُّ (5) في أنه حانث، ولا أحد من العقلاء، وقد علم الله ورسوله والحَفَظَة ــ بل والحالف نفسه ــ أنه إنما حلف على نفي الأمر