
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فلأنه زوج مكلَّف مختار، وأما محلية المطلقة فلأنها زوجة والنكاح صحيح، فيدخل في قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وفي سائر نصوص الطلاق؛ [89/ب] إذ لو لم يلحقها طلاق لزم واحد من ثلاثة، وكلها منتفية: إما عدم أهلية المطلِّق، وإما عدم قبول المحلّ، وإما قيام مانعٍ يمنع من نفوذ الطلاق، والمانع مفقود؛ إذ ليس مع مدعي قيامه إلا التعليق المحال الباطل شرعًا وعقلًا، وذلك لا يصلح أن يكون مانعًا.
يوضحه أن المانع من اقتضاء السبب لمسبَّبه إنما هو وصف ثابت يعارض سببيتَه فيوقفها (1) عن اقتضائها (2)، فأما المستحيل فلا يصح أن يكون مانعًا معارضًا للوصف الثابت، وهذا في غاية الوضوح، ولله الحمد.
فصل قال المسرّجون: لقد ارتقيتم مُرتقًى صعبًا، وأسأتم الظنّ بمن قال بهذه المسألة وهم أئمة علماء لا يُشَقُّ غبارهم، ولا تُغمَز قناتُهم، كيف وقد أخذوها من نصّ الشافعي - رحمه الله -، وبنوها على أصوله، ونظَّروا لها النظائر، وأتوا لها بالشواهد؟ فنص الشافعي (3) على أنه إذا قال: «أنتِ طالق قبل موتي بشهر» ثم مات لأكثر من شهر بعد هذا التعليق؛ وقع الطلاق قبل موته بشهر. وهذا إيقاع طلاق في زمن ماضٍ سابقٍ لوجود الشرط وهو موته، فإذا وُجد الشرط تبينَّا وقوعَ الطلاق قبله. وإيضاح ذلك بإخراج الكلام مُخرَجَ