
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يستحيل وقوع الطلاق وسُدَّ دونه الأبواب. [87/أ] وهل هذا إلا تغييرٌ لما عُلِم (1) بالضرورة من الشريعة، وإلزامٌ لها بالأقوال الشنيعة؟ وهذا أشنعُ مِن سدِّ باب (2) النكاح بتصحيح تعليق الطلاق لكل من تزوَّجها في مدة عمره؛ فإنه وإن كان نظيرَ سدِّ باب الطلاق، لكن قد ذهب إليه بعض السلف، وأما هذه المسألة فمما (3) حدث في الإسلام بعد انقراض الأعصار المفضَّلة.
ونحن نبيِّن مناقضة هذه المسألة للشرع واللغة والعقل، ثم نجيب عن شُبَهِكم شبهة شبهة.
أما مناقضتها للشرع فإن الله سبحانه شرع للأزواج - إذا أرادوا استبدال زوجٍ مكانَ زوج والتخلُّص (4) من المرأة - الطلاقَ، وجعله بحكمته ثلاثًا توسعةً على الزوج (5)؛ إذ لعله يبدو له ويندم (6) فيراجعها، وهذا من تمام حكمته ورأفته ورحمته بهذه الأمة، ولم يجعل أنكحتهم كأنكحة النصارى تكون المرأة غُلًّا في عنق الزوج إلى الموت. ولا يخفى ما بين الشريعتين من التفاوت، وأن هذه المسألة منافية لإحداهما منافاةً ظاهرة، ومشتقة من الأخرى اشتقاقًا ظاهرًا، ويكفي هذا الوجه وحده في إبطالها.
وأما مناقضتها للغة فإنها تضمَّنت كلامًا ينقض بعضه بعضًا، ومضمونه: