
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 638
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
في المشهور من مذهبه. والقول الراجح أن ذلك لا يحرم كما هو قول الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد ومالك؛ فإن التحريم بذلك موقوف على الدليل، ولا دليلَ من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح، وقياسُ السِّفاح على النكاح في ذلك لا يصح لما بينهما من الفروق. والله سبحانه جعل الصِّهر قسيم النسب، وجعل ذلك من نعمه التي امتنَّ بها على عباده، فكلاهما من نعمه وإحسانه؛ فلا يكون الصهر من آثار الحرام وموجباته كما لا يكون النسب من آثاره، بل إذا كان النسب الذي هو أصل لا يحصل بوطء [82/أ] الحرام فالصهر الذي هو فرع عليه ومُشبَّه به أولى أن لا يحصل بوطء الحرام.
وأيضًا فإنه لو ثبت تحريم المصاهرة لا تثبت المَحْرَمية التي هي من أحكامه، فإذا لم تثبت المَحْرَمية لم تثبت الحرمة.
وأيضًا فإن الله سبحانه إنما قال: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: 23]، ومن زنى بها الابن لا تسمَّى حليلةً لغةً ولا شرعًا ولا عرفًا. وكذلك قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] إنما المراد به النكاح الذي هو ضد السِّفاح، ولم يأتِ في القرآن النكاح المراد به الزنا قطُّ، ولا الوطء المجرد عن عقد.
وقد تناظر الشافعي هو وبعض العراقيين في هذه المسألة، ونحن نذكر مناظرته بلفظها.
قال الشافعي (1): الزنا لا يحرِّم الحلال، وقال به ابن عباس (2).