أعلام الموقعين عن رب العالمين ج4

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج4

5177 1

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد عزير شمس

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 638

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]



أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

والرضا بقضائه، وتكون حاله في هذا كحال أبيه يعقوب في احتباس يوسف عنه.
وهذا معلوم من فقه القصة وسياقها ومن حال يوسف، ولهذا قال تعالى: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76]، فنسب الله سبحانه هذا الكيد إلى نفسه كما نسبه إلى نفسه في قوله: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق: 15 - 16]، وفي قوله: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا} [النمل: 50]، وفي قوله: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].
وقد قيل: إن تسمية ذلك مكرًا وكيدًا واستهزاءً وخداعًا من باب الاستعارة ومجاز المقابلة، نحو: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]، ونحو قوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194].
وقيل ــ وهو أصوب ــ: بل تسميته بذلك حقيقة على بابه؛ فإن المكر إيصال الشيء إلى الغير بطريق خفي، وكذلك الكيد والمخادعة، ولكنه نوعان: قبيح وهو إيصال ذلك لمن لا يستحقّه، وحسن وهو إيصاله إلى مستحقه عقوبة له؛ فالأول مذموم والثاني ممدوح، والرب تعالى إنما يفعل من ذلك ما يُحمد عليه عدلًا منه وحكمةً، وهو سبحانه يأخذ الظالم والفاجر من حيث لا يحتسب كما يفعل الظلمة بعباده.
وأما السيئة فهي فَيْعِلَة مما يسوء، ولا ريبَ أن العقوبة تسوء صاحبها؛ فهي سيئة له حسنة من الحَكَم العدل.

الصفحة

132/ 638

مرحباً بك !
مرحبا بك !