أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وتحريمُ المتعة؟ هذا مع أن المتعة أُبيحت في أول الإسلام، وفعلها الصحابة، وأفتى بها بعضهم (1) [16/ب] بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - (2)، ونكاح المحلِّل لم يُبَحْ في ملّة من الملل قطُّ، ولم يفعله أحد من الصحابة، ولا أفتى به واحد منهم.
وليس الغرضُ بيانَ تحريم هذا العقد وبطلانه وذكر مفاسده وشره، فإنه يستدعي (3) سِفْرًا ضخمًا نختصر فيه الكلام، وإنما المقصود أن هذا شأن التحليل عند الله ورسوله وأصحاب رسوله، فألزمهم عمر بالطلاق الثلاث إذا جمعوها ليكفُّوا عنه إذا علموا أن المرأة تَحرُم به، وأنه لا سبيلَ إلى عودها بالتحليل. فلما تغيَّر الزمان، وبعُدَ العهد بالسنة وآثار القوم، وقامت سوقُ التحليل ونَفَقَتْ في الناس= فالواجب أن يُرَدَّ الأمر إلى ما كان عليه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخليفتَيه (4)، من الإفتاء بما يُعطِّل سوقَ التحليل أو يقلِّلها ويخفِّف شرها. وإذا عُرِض على من وفَّقه الله وبصَّره بالهدى وفقَّهه في دينه مسألةُ كون الثلاث واحدة ومسألةُ التحليل ووازنَ بينهما= تبينَ له التفاوت، وعَلم أي المسألتين أولى بالدين وأصلح للمسلمين.
فهذه حجج المسألتين قد عُرِضت عليك، وقد أُهدِيت ــ إن قبِلْتها ــ إليك، وما أظنُّ عمى التقليد يزيد (5) الأمرَ على ما هو عليه، ولا يَدَعُ التوفيقَ