أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فإن قال: «لأنّ (1) معلِّمي وإن كان أصغرَ فقد جمعَ عِلْمَ [8/أ] من هو فوقه إلى علمه، فهو أبصرُ بما أخذَ وأعلمُ بما تركَ»، قيل له: وكذلك من تعلَّم من معلِّمك، فقد جمع علْمَ معلِّمك وعلْمَ من فوقه إلى علمه، فيلزمك تقليده وتركُ تقليد معلّمك. وكذلك أنت أولى أن تقلِّد نفسك من معلِّمك؛ لأنك جمعتَ علْمَ معلِّمك وعلْمَ من هو فوقه إلى علمك. فإنّ قلد (2) قوله جعل الأصغر ومن يحدث من صغار العلماء أولى بالتقليد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك الصاحب عنده يلزمه تقليدُ التابع والتابع من دونه في قياس قوله، والأعلى للأدنى أبدًا، وكفى بقولٍ يؤولُ إلى هذا تناقضًا وفسادًا (3).
قال أبو عمر (4): قال أهل العلم والنظر: حدُّ العلم التبيينُ وإدراكُ المعلوم على ما هو به، فمن بانَ له الشيء فقد علِمَه، قالوا: والمقلِّد لا علمَ له، لم يختلفوا في ذلك (5). ومن ههنا ــ والله أعلم ــ قال البُحتري (6): عرفَ العالمون فضلَك بالعلـ ... م وقال الجهَّالُ بالتقليد